29 - 06 - 2024

رؤية خاصة | ليلة في القومي

رؤية خاصة | ليلة في القومي

(أرشيف المشهد)

  • 2-9-2015 | 18:23

لم أدخل المسرح القومي منذ سنوات. أسبابي كأسبابكم معروفة؛ أغلب الأشياء الجميلة كانت مرتهنة طوال سنوات التصدع والصخب التي مررنا بها. المهم عدت هذا الأسبوع لمسرحنا القومي مع عودة الحياة تدب فوق خشبته العريقة وأركانه المزخرفة وسقفه المرتفع وبناويره الدائرية. جميل مسرحنا القومي، يشبه في معماره وهندسته دار الأوبرا القديمة مع فارق الفخامة والأبهة والمساحة.

أعلى المسرح تاريخ يدل على سنة إنشائه :١٩٢٠.

مسرحنا القومي قارب المئة عام. ربما ناسبت مساحته ذلك الزمان الذي أنشئ فيه ..   بدا لي صغيراً وضيقاً رغم يد التجديد النشطة التي عملت عليه بكل همة حتى أعيد افتتاحه منذ قرابة عام.

لا أحبذ خشبات المسرح الضيقة؛ تبدو مدرسية وغير احترافية وتظلم العروض المهمة.

تمنيت لو بذلت يد التجديد جهداً أكبر وسعت لإيجاد حلول لتوسعته وزيادة مساحة خشبته.

 أدري مكانة المسرح القومي في وجدان الفنانين والمسرحيين منهم على وجه الخصوص .. هو الأيقونة والمحراب وشهادة التميز لمن انفرجت عنه أستاره وواجه جمهوره المخلص للفن الحقيقي.

ومن واقع هذا الإدراك تمنيت لو اجتمع هؤلاء الفنانون ومعهم المسؤولون على هدف أبعد من مجرد تجميل المسرح العريق ونفض تشوهات الزمن عن جدرانه وواجهته.. وددت لو منحوه حياة أخرى بتهيئته وتطويره بما يقارب المسارح العالمية الحديثة.

كانت هذه ملاحظات جالت بخاطري في انتظار الدقات الثلاث معلنة بدء العرض المسرحي "ليلة من ألف ليلة". العرض ليس جديد.. كتبه العبقري بيرم التونسي بلغة تذوب عذوبة وسلاسة وينتمي للمسرح الغنائي بألحان بديعة لملحن مبدع لم ينل في زمانه ما يستحق من الشهرة والمكانة هو أحمد صدقي. عرض يعيد الفنان يحيى الفخراني للمسرح  لابد أن يكون عرضاً متميزاً جديراً بالمشاهدة لكن الموضوع والحبكة قدما بتناول مسطح شديد البساطة لم يتح للفنان الكبير لحظات التوهج العبقري التي اعتدناها منه. ليلة من الف ليلة عرض جميل كان يمكن بشيء من الجهد منحه عمقاً وثقلاً  وثراء ًفكريا.

****

داعية .. يعرف دينه ولا شك. ويعلم أحكامه وتعاليمه بلا ريب. يخطب في الناس .. يفقههم..يتحدث بلسان طلق عن روح الدين .. تدمع عيناه ويتهدج صوته وهو يسوق المواقف من السيرة العطرة والتراث الديني الدالة على معاني الرحمة والتعاطف والرأفة .. ترتسم الابتسامة الوديعة على محياه ليقدم أبدع صورة لسماحة الإسلام ..ويسلك أرق السلوكيات ليبرهن على رفعة الشريعة ويبرئها من دعاوى التمييز ضد النساء وظلمهن والحط من قدرهن. هذا الداعية السوبر مؤمن ارتكب جريمة شنعاء تهتز لها السماء وترتج لها الأرض .. عالم الدين جمع كل علمه الغزير  وفقهه الكبير ونحاهما جانباً وانكب على ابنته ذات الخمس سنوات ضرباً وحرقاً وتعذيباً وعدواناً حتى لفظت المسكينة أنفاسها بعد شهور من العذاب الأليم. ادين  هذا الظالم بتهمة الاغتصاب والتعذيب وحكم عليه بثماني سنوات سجن و٨٠٠ جلدة وغرامة ضخمة. كان يمكن للموقف أن يمر في إطار جريمة وعقاب أقل من  مناسب. لكن الأنباء تواترت مؤخراً عن إلغاء الحكم وتعديل توصيف الجريمة إلى "الإفراط في التأديب"!!! عالم الدين السمح أفرط في تأديب ابنته كياً حتى قتلها! وسيخرج خلال شهر من محبسه!!!

في هذه الجريمة شخوص وجهات وسلطات تستحق الإفراط في التأديب.

لا حول ولا قوة إلا بالله.

مقالات اخرى للكاتب

رؤية خاصة| نورا على طريق الغارمات





اعلان